Skip to main content

غمضة عين - قصة قصيرة


أستاذ علي الغفير موسى صاحب 55 عام يرتدي نظارة طبية كما أن أسنانه الأمامية سقطت في شجار قديم، ترى فمه فارغ حين يتحدث يمكنك تخيل وضع اي شئ فيه لذلك يحرص على الصمت حتى أدمنه. ليس لديه زوجة أو أبناء بطبيعة الحال، علي يعلم أن الزواج مبني على المشاركة ثم أن وجود زوجة في المنزل يعني كثير من الكلام، و بعض الشكوى من الانزواء، كما أنه يكره زيارات الأقارب. لقد قارن بين وجود امراة و قط في المنزل فاختار القط دون تفكير ! لم يذهب لشراء القط بل اختاره من الشارع و ظل يطعمه حتى اعتاد على المنزل، ثم ندم عليه بعد ذلك بسبب مواءه الكثير و احتياجه لمراعاة و طعام، حاول طرده مرة و عاد فتركه، أصاب علي بالغضب أكثر من مرة بسبب مواءه، و شكله لم يكن بالجميل لونه أسود تماما و لديه أربع شوارب على جانب وجهه الأيسر فقط، مما يعطيك انطباع انه يبتسم بسخرية في وجهك يوم علي روتيني للغاية يستيقظ في الصباح يشرب فنجان القهوة و يتناول ثلاث زجاجات بيرة على الفطار ثم يذهب للعمل متاخرا، يكتب بعض التقارير و يعود للمنزل ليشرب ثلاث اخرين ان جاع ياكل و في أغلب الأحيان يكتفي بوجبة العشاء او يتقاسم الغداء مع القط حسب شعوره في المساء يذهب الى احدى البارات المعروف بها، يسترسل في الشرب ثم يحمله أحد صبيان البار الى المنزل و يمارس الجنس مع جارته مرة كل شهر حين يسافر زوجها، هذه كانت حياة علي شخص لا تعرف مبادئه فقط لأنك لا يمكنك سماع صوته، حتى جارته قالت له مرة انت تمارس الجنس كأنك تبكي لم يرد ابتسم و نام عند النظر في وجهه تضحك من هيئته و بعد لحظات تهلع من ابتسامته وتهرب، أحيانا كثيرة تصيبه نوبات غضب دون سبب بعد العودة من البار و يستمر في تحطيم الأشياء حتى يفقد الوعي ذهب اليوم الى البار كالمعتاد و عاد شاحب الوجه و الذهول بادء على وجهه استلقى على السرير لينام و سمع بكاء القط ليأكل مثل اي كائن حي لديه احتياجات بيولوجية يجب ارضاؤها لكنه كان الشر ذاته لعلي، لم يكف عن البكاء و لم يبعد عن السرير، أصابته نوبة غضب قام مسرعا كسر زجاجة بيرة على رأس القط ثم ذبحه بالزجاج و نام استغرق في النوم أكثر من اللازم ثم استيقظ فجأة، لم يشعر بألم الظهر المعتاد او اي صداع فقط حكة خلف اذنه، بدأ بفركها شعر بوجود شعر كثيف او فرو، لم يفهم ما الملتصق برأسه توجه الى مراّة الحمام ليغسل وجهه و يزيل ما علق برأسه من فرو، نظر في المراّة ليجد القط ينظر له من خلالها، سرت رعشة في جسده و تملكه الخوف توجه سريعا لمكان القط، و هو في الطريق لاحظ زوال الام الركبة الصدر و اندهش من قدرته على الجري، وصل الى الغرفة لم يجد القط، لم يفهم اين اختفى او اين اثار ليلة أمس عاد الى المراّة مرة اخرى وجد القط ينظر له بابتسامة السخرية المعهودة غير المراّة، ليجد الابتسامة مرة اخرى حرك يده امامها و تحسس وجهه ليفهم اخيرا انه هو القط، هو انسان برأس القط، لديه يدين و يمشي على رجلين معدة عادية، لكن برأس قط أسود و لديه أربع شوارب على جانب وجهه الأيسر تظهره يبتسم بسخرية، خرج من الحمام ليجد نفس المنزل لكن كما كان يبدو منذ 35 سنة، يخرج رجل من المطبخ برأس القط ايضا، انه والده علي يعلم أنه والده لكن برأس القط و شوارب جانب وجهه الأيسر، و ابتسامة السخرية تلك، 
لاحظ علي انه لم يتفاجء من وجود والده و علم أيضا ما سيقوله، سيطلب منه اعداد الطعام بينما يشرب زجاجة بيرة ثم يتأخر في تجهيزه ليدخل والده و يضربه بالزجاجة و يكسر اسنانه الامامية، هو يعلم ذلك جيدا هو يتذكر ذلك جيدا، ها هو والده يفتح فمه يأمره باعداد الافطار، يتحرك جسد علي إلى المطبخ دون ارادة منه، ليدخل والده مغتاظا يسبه و يضربه بالزجاجة ينزف يبكي يبصق عليه والده ويذهب، علي خائف يتحسس وجهه، لكنه لا يفهم هو يعرف كل ذلك و يجربه مرة أخرى لكن بوجه القط، يغمض عينه, يفتحها في غرفة عمليات، كل الأطباء مجتمعون انها حالة ولادة خطرة يرى والده متوتر، تلك المرأة تشبه صور امه، انه يوم ولادته ! كيف اتى الى هنا ؟! ما هذا العالم ؟! لا يفهم شئ لكنه يعلم ما يحدث سوف يولد الآن، و تموت أمه، ليحمل ذنب موتها و يكسب كراهية والده الى اخر العمر، يولد الطفل بوجه القط، مسخ لا يستحق الحياة، ابتسامة السخرية على وجهه ندبة يحملها طوال حياته لتصير طابع لديه، علي لا يفهم كيف اتى الى هنا لا أحد يسمعه أو يراه فقط الطفل ينظر إليه ويقول اشعر بالألم! تموت أمه، يصرخ علي و يغمض عينيه ويفتحها ليجد نفسه في أحضان فتاة ليل، يبكي و هي تهدئه ينظر لها ليجد وجه القط، يفزع لكنها تحتضنه و تهدئه تضمه بين زراعيها فاستجاب على الفور، تذكرها هي لوسي و اسمها الحقيقي عفاف، لطالما أضحكه ذلك، اسم بائعة الهوى عفاف، ردد لنفسه كثيرا اسم على مسمى و ضحك، اعتاد على الذهاب لها في فترة دراسته الجامعية، حصل على رقم هاتفها من مذكرة والده، اعتاد الاخر ان يذهب لها ايضا من فترة الى اخرى، لماذا يفضلها علي ؟! لسبب بسيط، انها اخبرته انه يفعلها أفضل من والده، شعر بالتفوق عليه بل انه يفعلها مع والده نفسه ! تذكر كل ذلك و شعر بالسخرية و المرارة، استسلم للنوم بين زراعيها استيقظ اعدت له طعام جيد، ربما كلفها اجر عمل يوم كامل، المشكلة الوحيدة ان وجه القط لم يختفي كما أن لوسي او عفاف ماتت منذ 25 سنة، سالها عن موتها اخبرته ان الجميع موتى او سوف يموتوا، فسألها عن وجهها ردت بين دلال و غضب، انها تجلس مكان القمر و تضع رجل على الاخرى، ثم توتر صوتها و سالته ان كانت تظهر تجاعيد اسفل عينيها، لم يجب و لم يفهم، ارتدى ملابسه و غادر، يمشي في الشوارع دون خطة واضحة ولا مبالاة، هو ليس غريب هنا الكل برأس القط، هو في عالم القط ! توجه الى بائع جائل ليسأله عن الوقت، لم يفهم الثاني و لم يرد، فسأله عن المكان، يم يجد غير الصمت و تعبيرات وجه بليدة، ثم عرض عليه شراء بضاعته الفاسدة، لاحظ علي تلف عين البائع اليمنى و الذباب يأكلها، لم يتقزز أخذ وجبة رائحتها نتنة القاها بعد خطوتين، أثناء سيره لاحظ ان الكثير لديهم اعضاء ناقصة او تالفة، طفل فروة رأسه متاّكلة، رجل يأكل الدود كتفه، امرأة ثديها عاري و متاّكل، انهم يتحللون، شعر بالفزع انه في عالم القط، الكل ميت او سوف يموت، عالم بلا زمن أو مكان، اخذ يسب القط و يجري بلا وجهة     يجب أن يهرب، لكن كيف ؟! بعد مسافة من الجري جلس على أحد الأرصفة، أغمض عينه و بكى فتح مرة أخرى ليرى فتاة تجلس أمامه في احدى المقاهي، توبخه تخبره انه احقر انسان عرفته و تنصرف، انها مي الفتاة التي اراد الزواج بها، اماله و قلبه تعلق بها تماما، ذهب معها الى منزله مارسا الجنس سويا ثم طوى ورقة نقدية و تركها على الطاولة أمامها و غادر، عاملها كفتاة ليل و هي الان امامه بعد غيابه عنها لأكثر من شهر و الان غادرت، ضحك و ردد كم أنا حقير، دفع حساب مشروب الصديد الذي أمامه ثم غادر. لاحظ ان كل شئ هنا فاسد و نتن، يمشي في شوارع مليئة بالقذارة، ابنية تشعرك بالحصار و اجسام تتحلل؟ كيف أهرب من هذا العالم؟ لا يوجد مستقبل فقط قصص الماضي يعود للمنزل ليجد والده بجوار فتاة يمكن القول بانها طفلة، لن تتخطى 20 عامة باي حال من الأحوال، هو يتذكر ذلك اليوم يجبره والده على مشاهدته هو و الفتاة في الفراش، ها هو يتكرر من جديد، يجد السباب يخرج من فمه، يهجم والده عليه يصفعه ثم يوجه ضربات قوية الى وجهه و معدته ليسقط على الأرض، سيل من اللكمات و الركلات ثم بسقة، لا يستطيع علي النهوض من مكانه، سمع والده يقول شاهد لتعرف منعى الرجول، يرى والده يستمتع بالفتاة و يدعوها باسمه كأنه يفعلها معه هو. 
تدخل جارته المنزل تشم رائحة تعفن، تذهب الى غرفة نومه
 لا مفر من هذا العالم
 عالم القط حيث الكل موتى أو سوف يموتون لا يوجد زمن أو مكان فقط قصص الماضي تتكرر
 ينظر الطفل له و يقول اشعر بالألم
 يضربه والده بالزجاجة و تسقط أسنانه 
أنت أحقر من عرفته في حياتي
 لتجد جثتين قطا مذبوح زجاج وعلي نائم على السرير.

Comments

Popular posts from this blog

يوم في حياة ميت - قصة قصيرة

ما كل هذه الضوضاء؟ أطفال تجري في الشارع محاولة اللحاق بكرة مع الكثير من السباب وذكر مفاتن والدة كل طفل فيهم، وذلك بائع متجول يحاول التخلص من حمولة يومه والعودة سريعا إلى أسرته ويحاول إنجاب طفل جديد يجري وراء كرة مع الكثير من السباب وذكر مفاتن زوجته. يظهر سؤال في عقلي هل لو علم أن ذلك طفل سيجلب له أقبح الصفات بسبب اهداره فرصة هدف محقق سيظل يرغب في إنجابه؟! أبتسم وأرفع رأسي من على الفراش. أنا خالد 25 سنة وأنا آخر الأحياء الآن ! أرتدي نظارتي وأحاول رؤية الأشياء من حولي، أنظر إلى ساعة معلقة أمامي أحاول أن أخفي بها شرخ في الحائط دون جدوى،  إنها الثانية والنصف ميعاد دواء وتدليك ظهر أبي، أرتدي قميص كان أنيق في الماضي والآن أرتديه في البيت لأغطي  ضلوعي البارزة. أخرج من غرفتي أحضر فطور أبي( فول وبيض مسلوق ) ثم أدخل إلى غرفته. أنا: صباح الخير على أجدع راجل في المنطقة. أبي: صباح الخير يا أخويا… كل دا نوم ايه اللي عملها معاك امبارح كان تقيل ولا ايه؟! ( نضحك نحن الاثنان ) أضع الكرسي المتحرك جوار فراشه وأحاول نقله من الفراش إلى الكرسي. أبي: شيل ياض رجلي عدل متبقاش خرع أح

كيف تصبح حبيب سئ - كتب بواسطة حبيب سئ

الدرس الأول. في البداية عليك أن تقول الحقيقة كلها، كم أنت سيء وحقير، كل الذنوب التي اقترفتها وكل الفتيات التي هجرتها عليك أن تخبرها كل ما حدث في الماضي، لا لشئ محدد إلا أنه أصبح في الماضي ونحن الان في الحاضر بين يديها تخبرها مثل طفل صغير أنك أخطأت ولا تريد أن تفعل ذلك مجدد. كما أنها لن تتوقع منك أن تصبح وغدا مجددا، لا يوجد لص يقول أنه لص، ثم عند تركها مثل عادتك يمكنك أن تقول ببساطة أنا لم أكذب عليكي لقد أخبرتك أني سئ وحقير منذ البداية، لماذا كل هذا الغضب؟ الدرس الثاني. يجب أن تظهر بصورة الفتى النسوي المدافع عن حقوق المرأة _ في البداية على الأقل _ وتدافع عنها في كل النقاشات أمام كل الأوغاد أصدقائكم، ودفاعك عنها ليس لأنك خليلها بل لأنها (مرأة) وأنت بالطبع نصير كل النساء! ولا مانع من مناقشة حياتها الدراسية والعملية والتخطيط معها مستقبلها هي وهي وحدها لا شريك لها فيه، لأنها مستقلة بذاتها ولا تحتاج مساعدة، ليس لأنك سوف تتركها لا سمح الله! الدرس الثالث. عرفها على أصدقائك كلهم الفتيات والشباب على أنها خليلتك وليس مجرد صديقة عادية، ومن المحبذ نشر صوركم على مواقع

مغامرات السيدة ليندا - قصة قصيرة

أوه عزيزي جيمس كم أنت جميل ورقيق ضحكتك قد تكلفني العالم كم وذلك البريق في عينيك يلمع مثل ألف شمس مشرقة، أهمس في أذنه أني  أحبه أكثر من أي شئ، وأن رجولته تغنيني عن ألف رجل آخر، كم أتمنى البقاء بجانبك إلى الأبد ألمس جسدك و أزرع ألف قبلة عليه فتنبت من  كل قبلة زهرة، لكن للأسف على الرحيل أنفث دخان سيجارتي وأحاول النهوض، يمسك يدي يقبلها في خشوع يترجاني للبقاء ويبكي مثل طفل  هجرته أمه! أضمه إلى صدري وأمسح على شعره البني ثم أقبل عينه حتى يتوقف على البكاء، ثم أوعده أني سأقوم بزيارته غدا، يهدأ قليلا ويرخي جسده على الفراش يشاهدني وأنا أرتدي ملابسي بينما هو يدخن سيجارة ملفوفة خصيصا لهذه الأوقات.  واحدة قبل الذهاب إلى الفراش وواحدة أخرى أثناء الاستلقاء لكن للأسف اليوم أفوت الثانية الليلة، زوجي سيعود باكرا كما يجب أن أحضر مارلا  من المدرسة  وأحضر الطعام، أقبل جيمس سريعا واعطيه رقم هاتف خاطئ ليعاود الاتصال بي غدا! أنا ليندا سيدة في منتصف العقد الثالث أعمل مترجمة فورية مما يتيح لي التعرف على  الكثير، وأيضا السفر كذلك، متزوجة منذ ثمان سنوات ولدينا الان مارلا ست سنوات زوجي برنارد يكبرني